من هو الصحابي الذي غسلته الملائكة بعد استشهاده, وما هي قصته ؟!
بعد انتهاء غزوة أحد ذهب النبي صلى الله عليه وسلم يتفقّد أحوال الجرحى والشهداء، فرأى كثيراً من خيرة أصحابه قد فاضت أرواحهم في سبيل الله، منهم حمزة بن عبد المطلب، ومصعب بن عمير، وسعد بن الربيع، وأنس بن النضر، وحنظلة بن أبي عامر وغيرهم رضي الله عنهم أجمعين. فلما رآهم صلى الله عليه وسلم قال: (أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة، وأمر بدفنهم بدمائهم، ولم يُصَلّ عليهم، ولم يُغَسَّلوا) رواه البخاري.
وحنظلة بن أبي عامر رضي الله عنه أحد هؤلاء الشهداء اشتهر ولُقِّبَ في كتب السيرة النبوية بـ “غسيل الملائكة”، وقال عنه ابن حجر في كتابه الإصابة في تمييز الصحابة: “حنظلة بن أبي عامر: بن صيفي بن مالك بن أمية بن ضبيعة بن زيد بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس الأنصاري الأوسي المعروف بغسيل الملائكة”. وغَسيل الملائكة: أي الرجل الذي غسلته الملائكة.
قال الواقدي: “وكان حنظلة بن أبي عامر تزوج جميلة بنت عبد الله بن أبي ابن سلول، فأُدْخِلَت عليه في الليلة التي في صبحها قتال أحُد، وكان قد استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت عندها فأذن له، فلما صلى بالصبح غدا يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولزمته جميلة فعاد فكان معها، فأجنب منها ثم أراد الخروج، وقد أرسلت قبل ذلك إلى أربعة من قومها فأشهدتهم أنه قد دخل بها، فقيل لها بعد: لِمَ أشهدت عليه؟ قالت: رأيت كأن السماء فرجت فدخل فيها حنظلة ثم أطبقت، فقلت: هذه الشهادة، فأشهدت عليه أنه قد دخل بها”.
وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال: (سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عن قتْلِ حنظلة بن أبي عامرٍ بعد أن التقى هو وأبو سفيان بن الحارث حين علاهُ شدّادُ بن الأسود بالسيف فقتله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:إن صاحبكُم تُغَسّله الملائكة، فسألوا صاحبته (زوجته) فقالت: إنه خرج لمّا سمع الهائعة (الصَّوت المفزع وهو منادي الجهاد سمع منادي النبي يدعو للخروج للجهاد) وهو جنبٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك: غسَّلتْه الملائكة) رواه الحاكم والبيهقي وحسنه الألباني.
وذكر السهيلي نقلاً عن الواقدي وغيره أن حنظلة رضي الله عنه بُحِثَ عنه في القتلى فوجدوه يقطر رأسه ماء، وليس بقربه ماء، تصديقاً لقوله صلى الله عليه وسلم: (إن صاحبكُم تُغَسّله الملائكة). وتغسيل الملائكة لحنظلة رضي الله عنه من باب الفضل والكرامة له، قال المناوي: “وكفى (غسل الملائكة لحنظلة) بهذا شرفاً، وذا لا ينافيه الأخبار الناهية عن غُسل الشهيد، لأن النهي وقع للمكلفين من بني آدم”.
وهو رضي الله عنه مفخرة للأوْس.