طلقها ليلة الزفاف.. فأنت@قمت منه
طلقها ليلة الزفاف.. فأنت@قمت منه
لم أكن أعرف حقيقة زوجي إلا ليلة زفافي إليه..فبعد أن أنسحب المدعوون وهدأ صخب الفرح وتوقف قرع الطبول.. وجدتني أمامه وجهًا لوجه في حجرة واحدة والباب مغلق علينا..
أطرقت رأسي في حياء وحمرة الخجل تعلو وجنتي..لم أنظر أبدًا تجاهه..ولم أفتح فمي
بكلمة واحده..هو الرجل ويجب أن يبدأ..
طال انتظاري دون جدوى..تمر الدقائق بطيئة مملة..لا صوت..ولا حركة..إزداد خوفي وقلقي..تحول حيائي إلى رعب شديد..شلني حتى الصد@مة..
لم لا يتكلم هذا الرجل لم لا يقترب..ما به ؟
تململت في جلستي دون أن أحيد نظراتي المصوبة نحو الأرض..
ترى هل هو خجول لهذه الدرجة..أم أنني لم أعجبه؟!
صرخة قوية دوت في أعماقي..لا..بالتأكيد أنا أعجبه..فأنا جميلة..بل باهرة الجمال..و هذه ليست المرة الأولى التي يراني فيها فقد رآني أثناء الخطبة مرة واحدة..و لكنني لم
أحاول التحدث معه إطلاقًا..هو لم يبادر ولم أشأ أن أكون البادئة فيظن بي الظنون..حتى أمي قالت لي ذات يوم بأن الرجل يفضل المرأة الخجولة ويكره الجريئة الثرثارة..
بسملت وحوقلت..قرأت آية الكرسي في سري وأنا أحاول طرد الشيطان..
و لكنه أيضًا لم يتكلم..هل هو أبكم لا ينطق؟..كلا فقد ؟أكد لي أبي بأنه يتكلم بطلاقة لا نظير لها..أخي حكي لي كيف أن حديثة حلو وحكاياته كثيرة..إذن ما به؟
ربما هو ليس في الحجرة معي..هنا فقط رفعت رأسي بذعر لتصطدم عيناي به..أخفضت عيناي وصدري يعلو ويهبط..و لكنه لا ينظر إلي..
أنا متأكدة من ذلك..في نظرتي السريعة إليه أدركت هذا..رفعت نظراتي إليه ببطء وأنا أغرق في ذهولي..إنه لا يشعر حتى بوجودي..فقط ينظر إلى السقف بقلق وعلى وجهه سيماء تفكير عميق..
تحرك فجأة ولكنني لم أستطع أن أبعد نظرات الدهشة عنه..لم ينظر إلي كما تبادر إلى ذهني..فقط نظر إلى الساعة ثم أخذ يقضم أظافرة بعصبية شديدة..
تحولت دهشتي إلى نوع من الحزن..حزن ممتزج بيأس مر..
قطرات من الدموع إنسابت من عيني لتتحول إلى أنين خافت تقطعه شهقات تكاد تمزق صدري الصغير..
حانت منه التفاته عابرة لا تدل على شئ..فأرتفع نشيجي عاليًا يقطع الصمت من حولي ويحيل الحجرة الهادئة المعدة لعروسين إلى مأتم حزين..
اقترب مني ببطء..وقف إلى جواري قائلًا بصوت غريب أسمعه لأول مره:
– لماذا تبكين ؟
هززت كتفي بيأس ودموعي لا تزال تنهال بغزارة على وجهي ليصبح كخريطة ألوان ممزقه..
عاد لي الصوت الغريب مره أخرى قائلًا.
– اسمعي يا ابنة عبد الله صالح راشد..أنت طالق!
توقفت دموعي فجأة وأنا أنظر إليه فاغرة فا هي من شدة الذهول..هل هو
يهزل..يمثل..يسخر..
أين الحقيقة والواقع في وسط المعمعة..هل أنا أحلم..أم أنه كابوس مرعب يقضي على مضجعي؟..
أفقت في اليوم التالي على بيت أبي.. وأنا مطلقة.. وأمي تنتحب بحرقة.. وأبي يصرخ
من بين أسنانه ووجه أسود كالليل:
– لقد أنتقم مني الجبان..لن أغفرها له.. لن أغفرها له..
وقتها فقط عرفت الحقيقة.عرفت بأنني مجرد لعبه للان@تقام بين شريكين..أحدهما وهو أبي قرر أن يزوجني لأبن شريكه لكي يكتسح غضبه الذي سببته له خلافاتهما التجارية..
و الآخر قرر أن ينتق@م من أبي في شخصي..و لكن ما ذنبي أنا في هذا كله..لماذا يضيع
مستقبلي وأنا لا زلت في شرخ الشباب؟..لماذا أتعرض للعبة قذرة كتلك؟
لم أبكِ.. ولم أذرف دمعه واحدة..واجهت أبي بكل كبرياء.. وأنا أقول له:
– أبي..لا تندم.. لست أنا من تتحطم!!
نظر أبي لي بدهشة وغشاء رقيق من الدموع يكسو عينيه.. وإمارات الألم والندم تلوح في وجهه..
أسرعت إلى حجرتي كي لا أرى انكساره..نظرت إلى صورتي المنعكسة في المرآة فهالني
ما أراه..أبدًا لست أنا..لست أنا تلك الفتاة الحلوة المرحة الواثقة من نفسها..لقد تحطم كل شيء في ثوان..تاهت الحلاوة وسط الكاسحة..و تلاشت الثقة كأنها لم تكن..و أصبحت أنظر لنفسي بمنظار جديد وكأنني مجرد حيوان مريض أجرب..
أرعبتني عيناي..أخافتني نظرة الانت@قام الرهيبة التي تطل منهما..أغمضتهما بشدة قبل أن تسقط دمعة حائرة ضلت الطريق..
أسرعت إلى الهاتف وشعلة الان@تقام لا تعرف الخوف..جاءني الصوت المميز الغريب الذي لن أنساه مدى الدهر..
يكفي انه الصوت الذي قتلن@ي ليلة زفافي وذبح@ني من الوريد إلى الوريد.. قلت له بنعومة
أمقتها:
– أنا معجبة!!
لم أكن أتوقع أبدًا سرعة استجابته ولا تلك الحرارة المزيفة التي أمطرني بها دون أن يعرفني
أنهيت المكالمة بعد أن وعدته بأن أحادثة مرة أخرى وفي نفس الوقت من كل يوم..
بصقت على الهاتف وأنا أودعه كل غضبي وحقدي واحتقاري..سأحط@مه..سأق@تله كما قتل@ني..كما دمر كل شيء في حياتي الوادعة..
واصلت المكالمات معه وتزايد توقه لرؤيتي ومعرفة هويتي. رفضت بلطف وأخبرته أنني فتاة محترمة وأنه لن يسمع مني سوى صوتي.
جعلته يقع في حبي حتى الجنون وأغوي@ته في متاهات عميقة لن تؤدي إلى شيء. سألني عن الزواج فأجبته بضحكة ساخرة أنني لا أفكر بالزواج الآن.
أجابني بحزن:
“إذًا أجبر على الزواج من غيرك.. فأبي يحاول إقناعي بالزواج من ابنة عمي.. ولكن لن أنساك أبدًا يا من عذبتني!”
قبل أن أودعه، طلبت منه إرسال صور موقعة باسمه كتذكار. تركها في مكان متفق عليه حتى أستلمها بعد ذلك. تلقيت الصور مع أجمل التعابير وأرقى الكلمات موقعة باسمه. داسست على الصور بقدمي وأنا أكافح غثياني المليء بالكر@اهية وال@حقد والاح@تقار.
بعد شهور، أخبرني عبر الهاتف بتاريخ زواجه. ثم قال بتردد:
“ألن تحضري حفل زواجي؟ ألن أراك ولو للحظة واحدة قبل أن أتزوج؟” قلت له بنفور:
“أليس من المناسب أن ترى زوجتك في ليلة زفافك
بلهجة مستهجنة، أجاب:
“لست أحبها ورأيتها عدة مرات. لكن أنت… أنت حبي الأبدي.”
وعدته بلقاء ليلة زفافه. من جانب آخر، كنت أخطط لتدميره، فقد حان الوقت المناسب لأنهي حياته كما فعل بي ولأُحطمه كما حطمني ودمر كل جوانب حياتي النقية.
جمعت صوره الموقعة بأجمل الكلمات في مظروف ضخم.
وقبل ساعة من دخوله على عروسه، تسلمت العروس الظرف. تناثرت الصور بعضها ممزق بغضب وأخرى هادئة داخل الظرف. تخيلت ما حدث:
العريس يلتقي عروسه التي يفترض أن تكون هادئة ومرحة وجميلة.
لكن تغير كل شيء. الهدوء انقلب إلى غضب والراحة تحولت إلى صخب. الجمال تحول إلى وجه مشوه وهي تصرخ في وجهه:
“طلقني!”
لم أتمكن من إخفاء فرحتي عندما تحدثت معه في تلك الليلة:
“تهانينا على… الطلاق.”
فجأة، سأل بغضب:
“من أنتِ؟”
أجبته بصوت ممتلئ بالضحكات:
“أنا المعجبة… ابنة عبد الله صالح راشد.”
النهاية